• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / علوم حديث
علامة باركود

تحقيق فصل "المهدي المنتظر" من "مقدمة ابن خلدون" (4)

تحقيق فصل "المهدي المنتظر" من "مقدمة ابن خلدون" (4)
وائل حافظ خلف

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 27/1/2013 ميلادي - 15/3/1434 هجري

الزيارات: 54709

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تحقيق فصل "المهدي المنتظر" من "مقدمة ابن خَلدون"(4)

هذا التحقيق مقتبس من كتاب "الجوهر المكنون"

الحلقة الرابعة


وأما المتصوفة فلم يكن المتقدمون منهم يخوضون في شيء من هذا، وإنما كان كلامهم في المجاهدة بالأعمال وما يحصل عنها من نتائج المواجد والأحوال، وكان كلام الإمامية والرافضة من الشيعة في تفضيل عليٍّ - رضي الله عنه -، والقول بإمامته وادعاء الوصية له بذلك من النبي- صلى الله عليه وسلم -، والتبرّئ من الشيخين كما ذكرناه في مذاهبهم.

 

ثم حدث فيهم من بعد ذلك القول بالإمام المعصوم، وكثرت التواليف في مذاهبهم.

 

وجاء الإسماعيليَّةُ منهم يدَّعون ألوهية الإمام بنوعٍ من الحلول، وآخرون يدَّعون رجعة من مات من الأئمة بنوع التناسخ [أو الحقيقة][1]، وآخرون ينتظرون مجيء من يقطع بموته منهم، وآخرون منتظرون عود الأمر في أهل البيت مستدلين على ذلك بما قدمناه من أحاديث المهدي وغيرها.

 

ثم حدث أيضًا عند المتأخرين من المتصوفة الكلام في الكشف وفيما وراء [حجاب][2] الحس، وظهر من كثير منهم القول على الإطلاق بالحلول والوَحدة، فشاركوا فيها الإمامية والرافضة لقولهم بألوهية الأئمة أو حلول الإله فيهم.

 

وظهر منهم القول بالقطب والأبدال، وكأنه يحاكي مذهب الرافضة في الإمام والنقباء، وأُشْرِبُوا أقوالَ الشيعة، وتوغلوا في الديانة بمذاهبهم، حتى لقد جعلوا مستند طريقهم في لباس الخرقة، أن عليًّا - رضي الله عنه - ألبسها الحسنَ البصريَّ وأخذ عليه العهد بالتزام الطريقة، واتصل ذلك عندهم بالجُنَيْد من شيوخهم!

 

ولا يُعلم هذا عن عليٍّ من وجه صحيح، ولم تكن هذه الطريقة خاصَّةً بعليٍّ - كرم الله وجهه -، بل الصحابة كلهم أسوة في طريق الدين[3]، وفي تخصيص هذا بعليٍّ دونهم رائحة من التشيع قويَّة، تفهم منها ومن غيرها مما تقدم دخولَهم في التشيع وانخراطهم في سلكه،[4] فامتلأت كتب الإسماعيلية من الرافضة وكتب المتأخرين من المتصوفة بمثل ذلك في الفاطمي المنتظر، وكان بعضهم يمليه على بعض، ويلقنه بعض عن بعض، وكله مبنيٌّ على أصول واهية من الفريقين.

 

وربما يستند[5] بعضهم في ذلك إلى كلام المنجمين في القرانات، وهو من نوع الكلام في الملاحم، ويأتي الكلام عليها في الباب الذي يلي هذا.

 

وأكثر مَن تكلَّم من هؤلاء المتصوفة المتأخرين في شأن الفاطميِّ: ابنُ العربي الحاتمي في كتاب "عَنْقَاء مُغْرِب"، وابن قَسِيٍّ[6] في كتاب "خلع النعلين"[7]، وعبد الحق ابن سبعين[8]، وابن أبي واطيل من تلاميذه في شرحه لكتاب "خلع النعلين".

 

وأكثر كلماتهم في شأنه ألغاز وأمثال، وربما يُصَرِّحُون في الأقل، أو يصرح مفسرو كلامهم.

 

وحاصل مذهبهم فيه، على ما ذكر ابنُ أبي واطيل، أن النبوة بها ظهر الحق والهدى بعد الضلال والعمى، وأنها تعقبها الخلافةُ، ثم يعقب الخلافةَ الملكُ، ثم يعود تجبرًا وتكبرًا وباطلاً.

 

قالوا: ولما كان في المعهود من سنة الله رجوع الأمور إلى ما كانت؛ وجب أن يحيا أمر النبوة والحق بالولاية، ثم بخلافتها، ثم يعقبها الدجل مكان الملك والتسلط، ثم يعود الكفر بحاله [كما كان قبل النبوة][9].

 

يشيرون بهذا إلى ما وقع بعد النبوة من الخلافة، ثم من بعدها المُلك، هذه ثلاثُ مراتبَ، فكذلك أيضًا الولاية التي لهذا الفاطمي [الذي يُحيي أمر النبوة والحق، ثم خلافة أمره بعده، ثم][10] الدجل بعدها وهو الباطل الذي كنى عنه بخروج الدجال. فهي ثلاث مراتب على نسبة الثلاث مراتب الأولى. ثم يعود الكفر كما كان قبل النبوة[11].

 

قالوا: ولما كان أمر الخلافة لقريش حُكمًا شرعيًّا بالإجماع الذي لا يوهنه إنكار مَن لم يزاول علمه؛ وجب أن تكون الإمامة فيمن هو أخص من قريش بالنبي- صلى الله عليه وسلم -، إما ظاهرًا فكبني عبد المطلب، وإما باطنًا فممَّن كان من حقيقة الآل، والآل: هم مَن إذا حضر لم يغب من هو آله.

 

وابن العربي الحاتمي سماه في كتاب "عنقاء مُغْرِب" من تأليفه: (خاتم الأولياء)، ويكني عنه بلبنة الفضة، إشارةً إلى حديث البخاريِّ في باب: خاتم النبيين[12]، قال- صلى الله عليه وسلم -: "مثلي فيمن قبلي من الأنبياء كمثل رجل ابتنى بيتًا وأكمله، حتى إذا لم يبقَ منه إلا موضع لبنة، فأنا تلك اللبنة".


فيفسرون خاتم النبيين باللبنة التي أكملت البنيان، ومعناه: النبي الذي حصلت له النبوة الكاملة.

 

ويمثلون الولاية في تفاوت مراتبها بالنبوة، ويجعلون صاحب الكمال فيها خاتمًا للأولياء، أي حائزًا للمرتبة التي هي خاتمة الولاية، كما كان خاتم الأنبياء حائزًا للمرتبة التي هي خاتمة النبوة. ولما كنى الشارع عن تلك المرتبة الخاتمة بلبنة البيت في الحديث المذكور، وهي على نسبة واحدة فيهما = فهي لبنة واحدة في التمثيل. ففي النبوة لبنة ذهب، وفي الولاية لبنة فضة؛ للتفاوت بين المرتبتين، كما بين الذهب والفضة. فيجعلون لبنة الذهب كناية عن النبي- صلى الله عليه وسلم -، ولبنة الفضة كناية عن هذ الولي الفاطمي المنتظر، ذلك خاتم الأنبياء، وهذا خاتم الأولياء.

 

وقال ابن العربي[13] فيما نقل ابن أبي واطيل عنه: وهذا الإمام المنتظر من أهل البيت من ولد فاطمة، وظهوره يكون بعد مضي) خ ف ج (من الهجرة، ورسم حروفًا ثلاثة، يريد عددَها بحساب الجُمَّل[14]، وهو الخاء المعجمة بواحدة من فوق بست مئة، والفاء أخت القاف بثمانين، والجيم المعجمة بواحدة من أسفل بثلاثة، وذلك ست مائة وثلاث وثمانون سنة، وهو آخر القرن السابع.

 

ولما انصرم هذا العصر ولم يظهر، حمل ذلك بعض المقلدين لهم على أن المراد بتلك المدة مولده، وعَبَّرَ بظهوره عن مولده، وأن خروجه يكون عند[15] العشر والسبع مائة، وأنه الإمام الناجم من ناحية المغرب.

 

قال: ((وإذا كان مولده كما زعم ابن العربي سنة ثلاث وثمانين وست مئة فيكون عمره عند خروجه ستًّا وعشرين سنة)).

 

قال: ((وزعموا أن خروج الدجال يكون سنة ثلاث وأربعين وسبع مائة من اليوم المحمدي، وابتداء اليوم المحمدي عندهم من يوم وفاة النبي- صلى الله عليه وسلم - إلى تمام ألف سنة)).

 

وقال ابن أبي واطيل في شرحه كتاب "خلع النعلين": ((الولي المنتظر القائم بأمر الله المشار إليه بمحمد المهدي وخاتم الأولياء، وليس هو بنبي، وإنما هو ولي، ابتعثه روحه وحبيبه، قال- صلى الله عليه وسلم -: "العالم في قومه كالنبي في أمته"[16].

 

وقال: "علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل"[17].

ولم تزل البشرى تتابع به من أول اليوم المحمدي إلى قبيل الخمسمائة نصف اليوم، وتأكدت وتضاعفت بتباشير المشائخ بتقريب وقته، وازدلاف زمانه منذ انقضت إلى هلم جرًّا)).

 

قال: ((وذكر الكندي أن هذا الولي، هو الذي يصلي بالناس صلاة الظهر، ويجدد الإسلام، ويُظهر العدل، ويفتح جزيرة الأندلس، ويصل إلى رومة فيفتحها، ويسير إلى المشرق فيفتحه، ويفتح قسطنطينية، ويصير له ملك الأرض، فيتقوَّى المسلمون، ويعلو الإسلام، ويظهر دين الحنيفية؛ فإن من صلاة الظهر إلى صلاة العصر وقت صلاة، قال -عليه الصلاة والسلام-: "ما بين هذين وقت"[18])).

 

وقال الكندي أيضًا: ((الحروف العربية غير المعجمة (يعني: المفتتح بها سور القرآن) جملة عددها سبع مئة وثلاثة وأربعون، وسبعة دجاليّة، ثم ينزل عيسى في وقت صلاة العصر، فيصلح الدنيا، وتمشي الشاة مع الذئب.

 

ثم مبلغ[19] ملك العجم بعد إسلامهم مع عيسى مائة وستون عامًا، عدد الحروف المعجمة[20]، وهي (ق ي ن (، دولة العدل منها أربعون عامًا)).

 

قال ابن أبي واطيل: ((وما ورد من قوله: لا مهدي إلا عيسى ، فمعناه: لا مهدي تساوي هدايته ولايته، وقيل: لا يتكلم في المهد إلا عيسى)).

 

وهذا مدفوع بحديث جُرَيج وغيره.

 

وقد جاء في "الصحيح"[21] أنه قال: "لا يزال هذا الأمر قائمًا حتى تقوم الساعة أو يكون عليهم اثنا عشر خليفة" يعني: قرشيًّا.

 

وقد أعطى الوجود أن منهم مَن كان في أول الإسلام، ومنهم من سيكون في آخره.

 

وقال: "الخلافة بعدي ثلاثون أو إحدى وثلاثون أو ستة وثلاثون"[22]، وانقضاؤها في خلافة الحسن وأول أمر معاوية، فيكون أول أمر معاوية خلافة أخذًا بأوائل الأسماء، فهو سادس الخلفاء، وأما سابع الخلفاء فعمر بن عبد العزيز، والباقون خمسة من أهل البيت من ذرية عليٍّ، يؤيده قوله: ((إنك لذو قرنيها))[23]، يريد: الأمة، أي: إنك لخليفة في أولها، وذريتك في آخرها. وربما استدل بهذا الحديث القائلون بالرجعة. فالأول هو المشار إليه عندهم بطلوع الشمس من مغربها.

 

وقد قال- صلى الله عليه وسلم -: "إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده، وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده، والذي نفسي بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله"[24]، وقد أنفق عمر بن الخطاب كنوز كسرى في سبيل الله، والذي يهلك قيصر وينفق كنوزه في سبيل الله هو هذا المنتظر حين تُفتح القسطنطينية: "فنعم الأمير أميرها، ونعم الجيش ذلك الجيش"[25] كذا قال- صلى الله عليه وسلم -.

 

ومدة حكمه بضع، والبضع من ثلاث إلى تسع، وقيل: إلى عشر. وجاء ذكر (أربعين)، وفي بعض الروايات: (سبعين).

 

فأما الأربعون فإنها مدته ومدة الخلفاء الأربعة الباقين من أهله، القائمين بأمره من بعده، على جميعهم السلام.

 

قال: ((وذكر أصحاب النجوم والقرانات أن مدة بقاء أمره وأهل بيته من بعده مائة وتسعة وخمسون عامًا، فيكون الأمر على هذا جاريًا على الخلافة، والعدل أربعين أو سبعين، ثم تختلف الأحوال فتكون ملكًا)). انتهى كلام ابن أبي واطيل.

 

وقال في موضع آخر: ((نزول عيسى يكون في وقت صلاة العصر من اليوم المحمدي حين يمضي ثلاثة أرباعه)).

 

قال: ((وذكر الكنديُّ يعقوبُ بنُ إسحاقَ في كتاب "الجفر" الذي ذكر فيه القرانات أنه إذا وصل القرآن إلى الثور على رأس (ضح) بحرفي الضاد المعجمة والحاء المهملة، يريد ثمانية وتسعين وست مئة من الهجرة، ينزل المسيح فيحكم في الأرض ما شاء الله)).

 

قال: ((وقد ورد في الحديث أن عيسى ينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق، ينزل بين مهرودتين، - يعني: حلتين مزعفرتين صفراوتين ممصّرتين -، واضعًا كفيه على أجنحة الملكين، له لمة، كأنما خرج من دِيمَاس[26]، إذا طأطأ رأسه قطر، وإذا رفعه تحدر منه جمان كاللؤلؤ، كثير خِيلان الوجه.

 

وفي حديث آخر: ((مربوع الخلق وإلى البياض والحمرة))، وفي آخرَ: أنه يتزوج في الغرب. والغرب دلو البادية، يريد أنه يتزوج منها وتلد زوجته.

 

وذكر وفاته بعد أربعين عامًا.

 

وجاء أن عيسى يموت بالمدينة، ويدفن إلى جانب عمر بن الخطاب.

 

وجاء أن أبا بكر وعمر يحشران من[27] بين نبيين.

 

قال ابن أبي واطيل: ((والشيعة تقول: إنه هو المسيح، مسيح المسايح من آل محمد، وعليه حمل بعضهم حديث: "لا مهدي إلا عيسى"، أي: لا يكون مهدي إلا المهدي الذي نسبته إلى الشريعة المحمدية نسبة عيسى إلى الشريعة الموسوية في الاتباع وعدم النسخ))!.

 

إلى كلام من أمثال هذا يعينون[28] فيه الوقت والرجل والمكان [بأدلة واهية وتحكمات مختلفة][29]، فينقضي الزمان ولا أثر لشيء من ذلك، فيرجعون إلى تجديد رأيٍ آخرَ منتحلٍ كما تراه من مفهومات لغوية وأشياءَ تخييلية وأحكام نجومية! في هذا انقضت أعمار الأول منهم والآخر.

 

وأما المتصوفة الذين عاصرناهم فأكثرهم يشيرون إلى ظهور رجل مجدد لأحكام الملة ومراسم الحق، ويتحيّنون ظهوره لما قرب من عصرنا، فبعضهم يقول: من ولد فاطمة، وبعضهم يطلق القول فيه. سمعناه عن جماعة أكبرهم أبو يعقوب البادسيّ كبير الأولياء بالمغرب، كان في أول هذه المائة الثامنة، وأخبرني بذلك[30] حافده أبو زكريا يحيى عن أبيه أبي محمد عبد الله الوليّ عن أبيه أبي يعقوبَ المذكور.

 

هذا آخر ما اطلعنا عليه أو بلغنا من كلام هؤلاء المتصوفة، وما أورده أهل الحديث من أخبار المهدي، قد استوفينا جميعه بمبلغ طاقتنا.

 

والحق الذي ينبغي أن يتقرر لديك أنه لا تتم دعوة من الدين والملك إلا بوجود شوكة وعصبية تظهره وتدافع عنه من يدفعه حتى يتم أمر الله فيه.

 

وقد قررنا ذلك من قبلُ بالبراهين الطبيعية[31] التي أريناكها هناك.

 

وعصبية الفاطميين [والطالبيين][32] بل وقريش أجمع قد تلاشت من جميع الآفاق، ووجد أمم آخرون استعلت عصبيتهم على عصبية قريش، إلا ما بقي بالحجاز في مكة والينبع بالمدينة من الطالبيِّين من بني حسن وبني حسين وبني جعفر منتشرون في تلك البلاد وغالبون عليها، وهم عصائبُ بدوية مفترقون في مواطنهم وإمارتهم وآرائهم يبلغون الآلاف من الكثرة.

 

فإن صَحَّ ظهور هذا المهدي فلا وجه لظهور دعوته إلا بأن يكون منهم، وأن يؤلف الله بين قلوبهم في اتباعه حتى تتم له شوكة وعصبية وافية بإظهار كلمته وحمل الناس عليها.

 

وأما غير هذا الوجه، مثل أن يدعو الناسَ[33] فاطميٌّ منهم إلى مثل هذا الأمر في أفق من آفاق الأرض[34] من غير عصبية ولا شوكة إلا مجرد نسبه في أهل البيت، فلا يتم ذلك ولا يتمكَّن؛ لما أسلفناه من البراهين الصحيحة.

 

فأما ما تدعيه العامة والأغمار من الدهماء ممن لا يرجع في ذلك إلى عقل يهديه ولا علم يفيده[35]، فيتحينون ذلك على غير نسبة وفي غير مكان، تقليدًا لما اشتهر من ظهور رجل[36] فاطمي، ولا يعلمون حقيقة الأمر فيه[37] كما بيناه.

 

وأكثر ما يتحينونه في القاصية من الممالك وأطراف العمران، مثل الزاب بإفريقية، والسوس من المغرب.

 

ونجد الكثير من ضعفاء البصائر يقصدون رباطًا بماسة [من أرض السوس، يتحيّنون هنالك لقاه زعمًا منهم أنه يظهر بذلك الرباط وأنه يبايع هنالك][38]؛ لما كان ذلك الرباط بالمغرب من الملثمين من كدالة واعتقادهم أنه منهم أو قائمون بدعوته، مزعمًا لا مستند له[39] إلا غرابة تلك الأمم وبُعدهم عن يقين المعرفة بأحوالها من كثرة أو قلة، أو ضعف أو قوة، ولبعد القاصية عن منال الدولة وخروجها عن نطاقها؛ فتقوى عندهم الأوهام في ظهوره هنالك[40] بخروجه عن ربقة الدول[41] ومنال الأحكام والقهر، ولا محصول لديهم في ذلك إلا هذا. ولقد يقصد ذلك الموضعَ كثيرٌ من ضعفاء العقول للتلبيس بدعوة تُمنّيه النفسُ تمامها وسواسًا وحمقًا، وقُتِلَ كثيرٌ منهم.

 

أخبرني[42] شيخنا محمد بن إبراهيم الأبلي، قال: خرج برباط ماسة لأول المائة الثامنة وعصر السلطان يوسف بن يعقوب رجل من منتحلي التصوف، يعرف بالتويزريِّ نسبة إلى توزر مصغرًا، وادعى أنه الفاطمي المنتظر، واتَّبعه الكثير من أهل السوس من ضالة وكزولة[43]، وعظم أمره، [وكاد يستفحل][44]، وخافه رؤساء المصامدة على أمرهم، فدس عليه السكيسوي[45] مَن قتله بَيَاتًا وانحل أمرُه.

 

وكذلك ظهر في غمارة في آخر المائة السابعة ولعشر التسعين منها رجل يعرف بالعباس، وادعى أنه الفاطمي، واتبعه الدهماء من غمارة، ودخل مدينة بادِس[46] عَنْوَةً وحرق أسواقها وارتحل إلى بلد المزمة فقُتِل بها غيلة ولم يتم أمره. وكثير من هذا النمط.

 

وأخبرني شيخنا المذكور بغريبة في مثل هذا، وهو أنه صحب في حجّه من[47] رباط العباد - وهو مدفن الشيخ أبي مدين في جبل تلمسان المطل عليها - رجلاً من أهل البيت من سكان كربلا، كان متبوعًا معظمًا كثير التلميذ والخادم.

 

قال: وكان الرجال من موطنه يتلقونه بالنفقات في أكثر البلدان. قال: وتأكدَتِ الصحبة بيننا في تلك[48] الطريق فانكشف لي أمرهم، وأنهم إنما جاؤوا من موطنهم بكربلا لطلب هذا الأمر وانتحال دعوة الفاطمي بالمغرب، فلما عاين دولة بني مرين، ويوسف بن يعقوب يومئذ منازل لتلمسان، قال لأصحابه: ((ارجعوا فقد أزرى بنا الغلط، وليس هذا الوقتُ وقتَنا)).

 

ويدل هذا القول من هذا الرجل على أنه مستبصر في أن الأمر لا يتم إلا بالعصبية المكافئة لأهل الوقت، فلما علم أنه غريب في ذلك الوطن ولا شوكة له، وأن عصبية بني مرين لذلك العهد لا يقاومها أحد من أهل المغرب استكان، ورجع إلى الحق، وأقصر عن مطامعه، وبقي عليه أن يستيقن أن عصبية الفواطم وقريش أجمع قد ذهبت، لا سيما في المغرب، إلا أن التعصب لشأنه لم يتركه لهذا القول. والله يعلم وأنتم لا تعلمون.

 

وقد كانت بالمغرب لهذه العصور القريبة [وفي العرب من سكّانه][49] نزعة من الدعاء[50] إلى الحق والقيام بالسنة لا ينتحلون فيها دعوة فاطمي ولا غيره، وإنما ينزع منهم في بعض الأحيان الواحد فالواحد إلى إقامة السنة وتغيير المنكر، ويعتني بذلك ويكثر تابعه.

 

وأكثر ما يعنون بإصلاح السابلة لما أن أكثر فساد الأعراب فيها لما قدمناه من طبيعة معاشهم، فيأخذون أنفسهم[51] في تغيير المنكر [بإصلاح السابلة][52] ما استطاعوا، إلا أن الصبغة الدينية فيهم لا تستحكم؛ لما أن توبة العرب ورجوعهم إلى الدين إنما يقصدون بها الإقصار عن الغارة والنهب، لا يعقلون في توبتهم وإقبالهم على[53] مناحي الديانة غيرَ ذلك؛ لأنها المعصية التي كانوا عليها قبل التوبة[54]، ومنها توبتهم، فتجد تابع ذلك المنتحل للدعوة والقائم بزعمه بالسنة غير متعمقين في فروع الاقتداء والاتباع، إنما دينهم الإعراض عن النهب والبغي وإفساد السابلة ثم الإقبال على طلب الدنيا والمعاش بأقصى جهدهم.

 

وشتان بين طلب هذا الأمر في صلاح الخلق وبين طلب الدنيا، فاتفاقهما ممتنع، فلا تستحكم لهم صبغة في الدين، ولا يكمل لهم نزوغ عن الباطل على الجملة، ولا يكثرون.

 

ويختلف حال صاحب الدعوة منهم[55] في استحكام دينه، وولايته في نفسه دون تابعه، فإذا هلك انحل أمرهم وتلاشت عصبيتهم، وقد وقع ذلك بإفريقية، لرجل من كعب من سُليم يسمى قاسم بن مرا[56] بن أحمدَ في المائة السابعة، ثم من بعده لرجل آخر من بادية رياح من بطن منهم يعرفون بمسلم، وكان يسمى سعادة، وكان أشد دينًا من الأول وأقوم طريقة في نفسه، ومع ذلك فلم يستتب أمر تابعه كما ذكرناه، حسبما يأتي ذكر ذلك في موضعه عند ذكر قبائل سليم ورياح.

 

ومن[57] بعد ذلك ظهر ناس بهذه الدعوة يتشبّهون بمثل ذلك، ويلبسون فيها، وينتحلون اسم السنة، وليسوا عليها إلا الأقل، فلا يتم لهم ولا لمن بعدهم شيْءٌ من أمرهم. [سنة الله في عباده][58].



[1] زيادة من الباريسية.

[2] زيادة من الباريسية.

[3] في الثلاثة: ((في طرق الهدى)).

[4] وقع في هذا الموضع من الثلاثة تَكرارٌ.

[5] في الثلاثة: ((يستدل)).

[6] هو أبو القاسم أحمد بن الحسين، المتوفى سنة ست وأربعين وخمس مئة (546هـ)، أول ثائر في الأندلس عند اختلال دولة الملثمين، وهو رُوميُّ الأصل، من بادية شلب، وكان ذا مكر وشَعْبَذَة. استعرب وتأدب وقال الشعر، ثم عكف على الوعظ، فكثر مريدوه، فادعى الهداية وتسمى بالإمام، وطُلِبَ فاختبأ، وقُبِضَ على طائفة من أصحابه فسيقوا إلى إشبيلية، فأشار مِن مختبأه على مَن بقي مِن أصحابه بمهاجمة قلعة مِيرْتُلَةَ (في غرب الأندلس. انظر "معجم البلدان" 5/242)، فاستولوا عليها، وجاءهم ابنُ قَسِيِّ، ثم ضعف أمره فخلعوه، وأعيد، فهاجر إلى الموحدين (سنة 540 هـ) متبرئًا مما كان يدعيه، فوَثِقُوا به وولوه "شلب" بلدته، فعاد إلى الخلاف، فقتله أهل شلب.

انظر "سير أعلام النبلاء" (20/316)، و"ميزان الاعتدال" (1/272)، و"اللسان" (1/579-581)، و"الأعلام" (1/116).

[7] اسم كتابه على التمام: "خلع النعلين في الوصول إلى حضرة الجمعين". قال الإمامُ الذهبيُّ -رحمه الله-: ((فيه مصائبُ وبِدَعٌ)). راجع "كشف الظنون" (1/722)، وقد أرخ حاجي خليفة وفاة ابن قَسِيِّ سنة خمس وأربعين وخمس مئة (545هـ).

[8] كان هذا الشيخ يقول بوحدة الوجود، ولم يكن يعرف للشرع حرمة، وقد ذكروا في ترجمته مقالة قبيحة قالها في رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وليس تطيب نفسي بأن أذكرها.

وكان يسب إمام الحرمين أبا المعالي الجوينيَّ والإمامَ أبا حامد الغزَّاليَّ وغيرَهما من الأعلام، مع أنه ارتضع في البَدأة كتب أبي حامد.

وانظر "البداية والنهاية" (13/261)، و"لسان الميزان" (5/63-64)، و"شذرات الذهب في أخبار من ذهب" (5/329-330).

والعجب أنك ترى بشرًا كثيرًا من الصالحين يبالغون في تعظيم هذا الإنسان!!

ألا ليت شعري حَتَّامَ اللجاجة في تقديس أمثاله تقليدًا منا لآبائنا كأن ليس في قلوبنا غيرة على ديننا؟! اللهم إن الهدى منك.

وحقٌّ - واللهِ - ما ذكره بديع الزمان الهمَذاني: ((لو انتقدتم؛ لبطل ما اعتقدتم)).

[9] ما بين المعقوفين زيادة من النسخة الباريسية.

[10] زيادة من الباريسية.

[11] حصل في هذا الموضع تقديم وتأخير في كثير من النسخ.

[12] من كتاب المناقب، حديث رقم (3535) من رواية أبي هريرة - رضي الله عنه -، وبرقم (3534) من رواية جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما -. ورواه أيضًا الإمام مسلم في "صحيحه"، كتاب الفضائل، رقم (2286) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، وبرقم (2287) من حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما -.

[13] ليس هو أبا بكر بن العربي الأندلسي المالكي الفقيه المشهور المتوفَّى في شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وأربعين وخمس مائة، ولكنه ابن عربي الحاتمي الطائي، صاحب "فصوص الحكم"، الذي اصطلح المشارقة على حذف الألف واللام من اسمه، المتوفَّى في شهر ربيع الآخر، سنة ثمانٍ وثلاثين وست مائة، القائل بالوحدة! المعدود عند طائفة من أكبر أكابر المتصوفة!! وإنما التصوف طريقُ الجُنَيد وذويه، ونِعْمَ الإمامُ الجُنَيْدُ، وقد كان ابن عربي يقع فيه، شأن أهل الباطل مع أهل الحق!!

قال الذهبيُّ في ترجمته من "السِّيَر" (23/48-49): ((العلامة، صاحب التواليف الكثيرة، محيي الدين، أبو بكر محمد بن عليّ بن محمد بن أحمدَ الطائي، الحاتمي، المُرْسِي، ابن عربي، نزيل دمشق.

كان ذكيًّا، كثير العلم، كتب الإنشاء لبعض الأمراء بالمغرب، ثم تزهد وتفرد، وتعبد وتوحد، وسافر وتجرد، وأتهم وأنجد، وعمل الخلوات، وعلق شيئًا كثيرًا في تصوف أهل الوحدة.

ومِن أردإِ تواليفه كتاب "الفصوص"، فإنْ كان لا كُفر فيه، فما في الدنيا كُفْرٌ! نسأل الله العفو والنجاة، فواغوثاه بالله!

وقد عَظَّمه جماعةٌ، وتكلفوا لما صدر منه ببعيد الاحتمالات.

وقد حكى العلامة ابنُ دقيقِ العيدِ، أنه سمع الشيخ عز الدين بن عبد السلام - رحمه الله - يقول عن ابن عربي: ((شيخ سُوء، كَذَّاب، يقول بقدم العالم، ولا يُحَرِّم فرجًا)).

قال الذهبي: ((إن كان محيي الدين رجع عن مقالاته تلك قبل الموت؛ فقد فاز، وما ذلك على الله بعزيز)).

وقال في "الميزان" (6/270) بعد ذكره اختلافَ الناس فيه: ((قولى أنا فيه: إنه يجوز أن يكون من أولياء الله الذين اجتذبهم الحق إلى جنابه عند الموت، وختم له بالحسنى.

فأما كلامه: فمَن فهمه وعرفه على قواعد الاتحادية، وعلم محط القوم، وجمع بين أطراف عباراتهم = تبين له الحق في خلاف قولهم.

وكذلك من أمعن النظر في "فصوص الحكم"؛ لاح له العجب؛ فإن الذكى إذا تأمل من ذلك الأقوال والنظائر والأشباه؛ فهو أحد رجلين: إما من الاتحادية في الباطن، وإما من المؤمنين بالله الذين يعدون أن هذه النِّحلة من أكفر الكفر. نسأل الله العفو، وأن يكتب الايمان في قلوبنا، وأن يثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفى الآخرة. فواللهِ، لأن يعيش المسلم جاهلاً خلف البقر، لا يعرف من العلم شيئًا سوى سور من القرآن يصلى بها الصلوات، ويؤمن بالله وباليوم الآخر = خيرٌ له بكثير من هذا العرفان وهذه الحقائق، ولو قرأ مائة كتاب أو عمل مائة خلوة)) انتهى.

وقال في "المغني": ((مَن طالع كتابه؛ عرف انحرافه وضلاله)). يريد "الفصوص".

ونصوص أهل العلم في إنكار شطحات الرجل متواترة، وكثير من المتصوفة يردون عليه مخازيه.

ومن الذين أكثروا من الحط عليه الحافظُ ابن حجرٍ العسقلانيُّ، وتلميذُه الحافظ السخاويُّ، وقد دعا الأولُ رجلاً من المحبين لابن عربي إلى المباهلة، والحكاية ذائعة مشهورة، ذكرها الثاني في "الجواهر والدرر في ترجمة شيخ الإسلام ابن حجر" (ج3/ص1001-1002)، و(3/1047-1048) ط/ دار ابن حزم - بيروت، وأشار إليها الحافظ نفسُه في "الفتح" (8/95). وانظر "البداية والنهاية" (13/156)، و"لسان الميزان" (6/123-126)، و(7/397-397).

[14] قد سلف عليك - أدام الله عزك - التعريف به، حيث ذكرنا ما محصله: أن أبجد: أُولى الكلمات الست (أَبْجَد، هَوَّز، حُطِّي، كَلَمُن، سَعَفَص، قَرَشَت) التي جُمِعَت فيها حروفُ الهجاء بترتيبها عند السَّامِيِّين قبل أن يُرَتِّبَها نصرُ بْنُ عاصمٍ الليثيُّ الترتيبَ المعروفَ الآنَ، أما (ثَخَذ، ضَظَغ) فحروفها من أبجدية اللغة العربية، وتسمى الروادف.

وتُسْتَعْمَل الأبجدية في "حساب الْجُمَّل" على الوضع التالي:

(أ=ا)، (ب=2)، (ج=3)، (د=4)، (هـ=5)، (و=6)، (ز=7)، (ح=8)، (ط=9)، (ي=10)، (ك=20)، (ل=30)، (م=40)، (ن=50)، (س=60)، (ع=70)، (ف=80)، (ص=90)، (ق=100)، (ر=200)، (ش=300)، (ت=400)، (ث=500)، (خ=600)، (ذ=700)، (ض=800)، (ظ=900)، (غ=1000).

والمغاربة - وعلى منوالهم نسج ابن خلدون - يخالفون في ترتيب الكلمات التي بعد (كَلَمُن)، فيجعلونها:(صعفض، قرست، ثخذ، ظغش).

وبالمقابلة بين الطريقة المشهورة عند المشارقة وبين طريقة المغاربة نخلص إلى أن الفرق بينهما ينحصر في ستة أحرف، هي: (ص، ض، س، ظ، غ، ش)، والأرقام المقابلة لها في طريقة المشارقة كما ذكرنا آنفًا: (ص=90)، (ض=800)، (س=60)، (ظ=900)، (غ=1000)، (ش=300).

وأما أرقامها في طريقة المغاربة فكالآتي: (ص=60)، (ض=90)، (س=300)، (ظ=800)، (غ=900)، (ش=1000).

وانظر "المعجم الوسيط" (ص1)، و"تاج العروس" (7/401-403)، و"الْمُزْهِر في علوم اللغة وأنواعها" للحافظ جلال الدين الأسيوطي (2/342-349) ط/ مكتبة دار التراث - الطبعة الثالثة، و"فتح الباري" (11/351).

ولسوف يمر بك ذكر الزجر عن استعمالها على الوجه المذكور هنا من كلام أهل العلم البصراء، ومنهم العماد ابن كثير - رحمه الله -، حيث قال في مَعْرِض كلامه على الحروف المقطعة المذكورة في أوائل بعض سور القرآن المجيد: ((وأما مَنْ زعم أنها دالة على معرفة المُدَد، وأنه يستخرج من ذلك أوقات الحوادث والفتن والملاحم؛ فقد ادعى ما ليس له، وطار في غير مطاره. وقد ورد في ذلك حديثٌ ضعيفٌ، وهو مع ذلك أدل على بطلان هذا المسلك من التمسك به على صحته)).

[15] في الثلاثة: ((بعد)).

[16] حديث موضوع: أورده الحافظ السيوطيُّ في "الجامع الصغير" (4969) معزوًّا للخليلي في "مشيخته"، وابن النجار في "تاريخه"، عن أبي رافع.

وقال شارحه المناوي - رحمه الله - (4/243): ((قال ابن حبان: ((هذا موضوع))، وقال غيرُه: ((هذا باطل))، وقال الزركشيُّ: ((ليس من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -.)).

وفي "ميزان الاعتدال" للذهبي (ج6/ص244) ط/ دار الكتب العلمية، في ترجمة محمد بن عبد الملك القَنَاطِرِيِّ: ((روى حديثًا باطلاً: (الشيخ في أهله كالنبي في أمته)، ساقه ابن عساكر في "معجمه"، وقال: قيل له القناطري؛ لأنه كان يكذب قناطير!)).

وفي "لسان الميزان" لابن حجر (ج4/ص309) ط/ مكتب المطبوعات الإسلامية: ((قال الخليليُّ: حديث الطير وَضَعَهُ كذَّابٌ على مالك، يقال له: صخر الحاجبي، وهو الذي وضع حديث: ((الشيخ في أهله كالنبي في أمته)) انتهى.

والحديث رواه ابن حبان - رحمه الله - في "كتاب المجروحين" (ج1/ص533) ط/ دار الصميعي، من طريق عبد الله بن عمر بن غانم قاضي إفريقية، روى عن مالك، عن نافع، عن ابن عُمر، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((الشيخ في بيته كالنبي في قومه)).

وقال ابن حبان في ابن غانم هذا: ((يروي عن مالك ما لم يحدث به مالك قَطُّ، لا يحل ذكر حديثه ولا الرواية عنه في الكتب إلا على سبيل الاعتبار)).

ثم روى ابن حبان حديثًا آخر من طريق ابن غانم، وقال: ((حَدَّثَنَا بالحديثين جميعًا عليّ بن... في نسخة كتبناها بهذا الإسناد، أنا أصون البياض عن ذكرها فكيف الاشتغال بوضعها؟!)) انتهى. والحديث حكم بوضعه أيضًا شيخ الإسلام ابنُ تيمية، والحافظ ابن حجرٍ العسقلانيُّ، وغيرُهما.

[17] لا أصل له: قال العجلوني في "الكشف" (1744): ((قال السيوطي في "الدرر": ((لا أصل له))، وقال في "المقاصد": ((قال شيخنا - يعني: ابنَ حجر -: ((لا أصل له))، وقبله الدميري، والزركشي، وزاد بعضهم: ((ولا يُعرف في كتاب معتبر)).

وحسبك تخريج هذين الحديثين في هذا الباب؛ لتعلمَ حقيقة ما به أشاد هؤلاء صرحَ باطلهم، فعلمهم يتردد بين أخبار افتراها كذابون، وأخرى صحيحة فَهِمها حق الفهم سابقون، ولوى أعناقها خالفون! وقد أومأ لذلك ابن خلدون - رحمه الله -.

والمهديُّ إنْ هو إلا رجلٌ صالحٌ من آل بيت النبوة كأي رجل، يولد من أب وأم، اسمه محمد بن عبد الله، أقنى الأنف، أجلى الجبهة، يُصلحه الله في ليلة، ويُمَكّن له في الأرض فيملؤها عدلاً وقسطًا بعد أن مُلِئَتْ ظلمًا وعدوانًا، يملك سبع سنين أو تسعًا، وهو وليّ، وليس بأفضلَ من أبي بكر ولا عمرَ ولا عثمانَ ولا عليٍّ، وليس هو بمعصوم، ولا يعلم متى يظهر إلا عَلَّام الغُيُوب، وينزل عيسى ابنُ مريم - صلى الله عليه وسلم - من السماء بعد خروجه بقليل أو إِبَّانه، ويصلي خلفه، ثم يقتل الدجال.

هذا صفوة القول فيه على ما ثبتت به الأخبار الصحاح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

فمَن حدَّد زمنَ خروج المهديِّ وَوَقَتَه، أو زعم أنه اكتمن في سرداب وسيظهر فُجَاءَةً، أو ادعى له نُبُوءَةً، أو عصمةً، أو شيئًا لم يأتِ له ذكرٌ في حديثٍ ثابتٍ = فقد ضلَّ سواءَ السبيل وأوغل في السَّفْج.

وأضل منه مَن ادعى المهدية لنفسه، وزعم أن لديه علمًا من الكتاب لا يعلمه إلا هو، وقاتل الناسَ حتى يؤمنوا! وضلل مَن أعرض، وبرق ورعد، وتهدد وتوعد!!

وقد أعطيتُك أيها الفاضلُ، سيفًا باتكًا لو علمت، تقطع به عُنُقَ دعوة كُلِّ كذاب يدَّعي أنه المهديّ، أنْ تقول له: متى ينزل عيسى ويصلي خلفك أيُّهذا الدَّعِيّ؟!!. وحسبك بالْمُجَرِّب مِن عليمِ.

[18] هذا مأخوذ من حديثٍ خرَّجه الإمامُ أحمدُ (3/330-331)، والنسائيُّ (526)، وابنُ حِبَّانَ (278- موارد الظمآن) من حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما -، ورواه أبو داود (393)، والترمذي (149) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما-. والحديث مورده في تحديد أوقات الصلوات الخمس، وليس بينه وبين ما حملوه عليه صلة نسب.

[19] في الثلاثة: ((ثم يبقى)).

[20] في أكثر النسخ: ((عدد حروف المعجم))!

[21] انظر "صحيح البخاري" (7222، 7223)، و"صحيح مسلم" (1821)، و"جامع الترمذي" (2223)، و"صحيح ابن حبان" (6661، 6662، 6663).

[22] الثابت قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الخِلَافَةُ فِي أُمَّتِي ثَلَاثُونَ سَنَةً، ثُمَّ مُلْكٌ بَعْدَ ذَلِكَ". رواه الإمام أحمدُ في "المسند" وصححه على ما نقله ابن رجب الحنبلي في "جامع العلوم والحكم" (ص281)، وأبو داود، والترمذيُّ وحسَّنه، وصححه ابنُ حبان، ورمز السيوطيُّ لصحته في "الجامع الصغير" (4147).

فائدة: كانت خلافة أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- سنتين وثلاثة أشهر، وخلافة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - عشر سنين ونصفًا، وخلافة عثمان - رضي الله عنه - اثنتي عشرة سنة، وخلافة عليٍّ -رضي الله عنه- أربع سنين وتسعة أشهر، وخلافة الحسن -رضي الله عنه- ستة أشهر. فانقضت الثلاثون بخلافة الحسن بن عليٍّ -رضي الله عنهما-، فأيام معاوية -رضي الله عنه- أول الملك، فهو أول ملوك الإسلام وخيارهم.

[23] إسناده ضعيف: رواه الإمام أحمد، وابن حبان، والحاكم، وفي إسناده ابنُ إسحاقَ وهو مدلس ولم يصرح بالتحديث. وعلى تقدير صحته فلأهل العلم أقوال في تأويل: ((إنك لذو قرنيها))، منها: أن معناه: إنك ذو قَرْنَي الجنة، أي: ذو طرفيها، ومليكُها المُمَكَّن فيها، الذي يسلك جميع نواحيها كما سلك الإسكندر جميع نواحي الأرض شرقًا وغربًا؛ فَسُمِّيَ ذا القرنين على أحد الأقوال. قال الإمام المنذري في "الترغيب والترهيب": ((وهذا قريبٌ)).

[24] خرَّجه الشيخان من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، وهو عندهما أيضًا من حديث جابر بن سمرة -رضي الله عنه-.

[25] رواه الإمام أحمد (4/235)، والحاكم وصححه، وحسَّن إسنادَه الإمامُ أبو عمر يوسفُ بن عبد الله ابن محمد بن عبد البر في ترجمة بشر الغنوي -ويقال: الخثعمي- من "الاستيعاب" (1/170)، ورمز السيوطي له بالصحة في "الجامع الصغير" (7227). وقد فتحت قسطنطينية لا على يد المهدي، فحديث ابن أبي واطيل مُرَجَّمٌ كله، ما أنزل الله به من سلطان.

[26] يعني: في نضرته وكثرة ماء وجهه، كأنه خرج من كِنٍّ؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - قال في وصفه: ((كأن رأسه يقطر ماء)). قاله الإمام الجوهري - رحمه الله - في "الصحاح". وانظر "المنهاج شرح صحيح مسلم ابن الحجاج" للإمام النووي (2/232). والخيلان: جمع خال، وهي الشامة السوداء في البدن، وقيل: هي نكتة سوداء فيه. قاله ابن سِيده في "المحكم والمحيط الأعظم"، وعنه ابنُ منظور في "لسان العرب".

وانظر لتخريج هذه الأحاديث المذكورة في شأن المسيح ابن مريم -عليه السلام- كتاب "النهاية في الفتن والملاحم" لابن كثير - رحمه الله -، وقد استوفينا القول فيها في "النزهة"، ونذكر هنا أن ما ورد في شأن دفن المسيح - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة ذُكر في أثر ضعيفٍ سندُه، خرَّجه الترمذيُّ (3617)، والطبرانيُّ كما في "المجمع" (8/206). وكذا ما ذُكر من شأن زواجه -صلى الله عليه وسلم -، فلا أعلم حديثًا مرفوعًا في ذلك يصح. فليُطلب تحريره من أهل العلم. والله أعلم.

[27] زيادة من "ف".

[28] في ثلاث نسخ خطية: ((يعنون)).

[29] ما بين المعقوفين ساقط من النسخة الباريسية.

[30] في الثلاثة: ((عنه))، بدل: ((بذلك)).

[31] في الثلاثة: ((بالبراهين القطعية))، وهو تحريفٌ.

[32] زيادة من الباريسية.

[33] هذه اللفظة من النسخة الباريسية وليست في الثلاثة.

[34] في الثلاثة: ((في أفق من الآفاق)). ولا يخفاك أن كلام المصنف - رحمه الله - يصح إذا ما نُزل على المألوف، ولكن العلماء نظموا خروج المهدي في سلك علامات الساعة الكبرى، فقياس أمره والحالة هذه على ما جرت به العادة من لزوم العصبية وضرورة وجود الشوكة في بَدء الأمر قياسٌ مع الفارق. والله أعلم.

[35] في بعض النسخ: ((يقيّده)).

[36] زيادة من "ف".

[37] زيادة من "ف".

[38] ما بين المعقوفتين زيادة من الباريسية.

[39] في الثلاثة: ((زعمًا لا مستند لهم)).

[40] في الثلاثة: ((هناك)).

[41] في الثلاثة: ((الدولة)).

[42] في الثلاثة: ((أخبرنا)).

[43] كذا في "ش" وما إليها، وفي الباريسية: ((صناكة وكذولة)).

[44] زيادة من الباريسية.

[45] في "ع" وما دار في فلكها: ((السكسوي))، وفي نسخة خطية: ((السكسيوي))، وفي أخرى: ((السكسبوي)).

[46] في الثلاثة: ((فاس))!

[47] في الثلاثة: ((في)).

[48] في الثلاثة: ((ذلك)).

[49] زيادة من الباريسية ليست في الثلاثة.

[50] في الثلاثة: ((الدعاة)).

[51] زيادة من "ف".

[52] ما بين المعقوفين ساقط من الثلاثة.

[53] في الثلاثة: ((إلى)).

[54] في "ع": ((المقربة)).

[55] في الثلاثة: ((معهم)).

[56] في الثلاثة: ((مرة)).

[57] ليست في الثلاثة.

[58] زيادة من النسخة الباريسية.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تحقيق فصل "المهدي المنتظر" من "مقدمة ابن خلدون" (1)
  • تحقيق فصل "المهدي المنتظر" من "مقدمة ابن خلدون"(2)
  • تحقيق فصل "المهدي المنتظر" من "مقدمة ابن خلدون"(3)
  • ما جاء في المهدي
  • عقيدة اليهود في المسيح " المنتظر "
  • الجانب الاقتصادي في مقدمة ابن خلدون
  • الجانب اللغوي والأدبي في مقدمة ابن خلدون
  • خطبة مختصرة عن المهدي
  • عقيدة أهل السنة في المهدي المنتظر

مختارات من الشبكة

  • مقدمة في أصول التحقيق (مقدمة كتاب الانتصار)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • التحقيقات التي حظي بها كتاب البرهان للإمام الزركشي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • حاجة كتاب (غاية النهاية) لابن الجزري للتحقيق ، وحاجة التحقيق للتنسيق(مقالة - موقع الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معاضة الشهري)
  • كيف تشتري كتابا محققا؟ وكيف تميز بين تحقيق وآخر إذا تعددت تحقيقات النص؟(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • التقليد في تحقيق المناط(مقالة - آفاق الشريعة)
  • منهج تحقيق نسبة النص النثري لمحمد علي عطا(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • تحقيق تخريج مسألة (قم فصل ركعتين)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مقدمة تحقيقي لكتاب تلبيس إبليس للإمام ابن الجوزي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • مقدمة تحقيق "منتهى المشتهى" لابن الجوزي، تهذيب القفال(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • مختصر متن المنار لابن حبيب الحلبي (مقدمة التحقيق)(كتاب - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
1- جزاكم الله خيرا
محمودالشرقاوي - مصر 27-01-2013 04:12 PM

جزاكم الله عنا خيرا وأطال عمركم وأحسن خواتيم أعمالكم

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب